أكد الوزير الأول, أيمن بن عبد الرحمان, على الدور الهام الذي يلعبه البنك الوطني للبذور في تعزيز الأمن الغذائي للبلاد.
وفي كلمة ألقاها بمناسبة تدشين هذا المرفق, اعتبر السيد بن عبد الرحمان أن إنجاز البنك الوطني للبذور الذي يعد هيكلا مهما لتحقيق الأمن الغذائي يمثل “محطة تاريخية” و”لبنة أخرى تأتي لتعزيز سيادتنا الوطنية من خلال تكريس مبدأ الأمن الغذائي للبلاد الذي نعتبره جزءا لا يتجزأ من أمننا الوطني”.
وأكد أن هدف الجزائر هو بلوغ الأمن الغذائي بمردود 50 قنطار في الهكتار معتبرا أن الاعتماد بصفة كلية على الانتاج المحلي من البذور في الزراعة يمثل تحديا كبير, ينبغي على القطاع تكثيف جهوده للنجاح في تحقيقه.
وأضاف بن عبد الرحمان أن هذا الإنجاز العلمي “الكبير” تحقق بسواعد جزائرية قدمت اليوم “برهانا جديدا على أن القدرات والكفاءات الوطنية بإمكانها أن تصنع مثل هذه الإنجازات”, وهو ما من شأنه تعزيز مسار البناء الوطني.
وأكد بأن افتتاح هذا البنك “يحمل الكثير من الدلالات التي تثبت أننا نسير بخطى واعدة نحو تعزيز الأمن الغذائي للبلاد, وأن الجزائر قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العليا للبلاد, خاصة في ظل الظروف الدولية الجيو-إستراتيجية الراهنة التي تفرض علينا المزيد من العطاء ورص الصفوف أكثر, انطلاقا من مبدأ أن هذا العالم لا مكان فيه للضعيف”.
وشدد على ضرورة الحفاظ على الأصناف النباتية والحيوانية المحلية وحمايتها بالنظر لدورها في تكثيف الانتاج الوطني, مستذكرا المقولة : “لا خير في أمة تلبس ما لا تخيط و تأكل ما لا تزرع”.
وأشار الوزير الأول إلى أن افتتاح البنك والذي يكتسي أهمية “بالغة” باعتباره يعزز مبدأ الأمن الغذائي للبلاد, يعد نتاج مجهودات بحوث ودراسات كفاءات جزائرية بحتة, من خريجي المعاهد والجامعات الجزائرية الذين ينشطون في مختلف المعاهد ومراكز البحوث التابعة لقطاع الفلاحة والتنمية الريفية.
وبعد أن ذكر بأن بالأهمية الكبيرة التي يوليها رئيس الجمهورية لتطوير البحوث في كافة مجالات المعرفة من خلال ربط الجامعة بالمؤسسات والإدارات, اعتبر السيد بن عبد الرحمان أن مثل هذه الإنجازات الحيوية تعد مثالا اخرا عن ثمرة الجهود المبذولة على المستوى الحكومي الرامية لتكريس هذا المبدأ.
وفي هذا الإطار, لفت الوزير الأول إلى أن البذور التي تعد موردا حيويا لا يمكن الاستغناء عنه, تلعب دورا رئيسيا في التنمية المستدامة للفلاحة من خلال استخدامها كنقطة انطلاق لأي برنامج تحسين النباتات, كما أنها تشكل إرثا يتم نقله إلى الأجيال القادمة من أجل مواجهة التحديات الرئيسية المرتبطة بتغير المناخ على وجه الخصوص, من خلال إنشاء أصناف متأقلمة مع التغيرات المناخية ومقاومة للأمراض.
وأكد الوزير الاول بالمناسبة أن القطاع الفلاحي عرف فعليا, خلال الفترة الأخيرة, “قفزة نوعية” في مختلف فروع الإنتاج, وذلك بفضل التزامات رئيس الجمهورية التي وضعت الفلاحة في صلب الاهتمامات الكبرى للبلاد والتي كرسها مخطط عمل الحكومة.
وقف استيراد بذور الخضر ابتداء من السنة المقبلة
كما أعلن الوزير الأول خلال جولة بأجنحة المعرض المقام على هامش مراسم تدشين البنك الوطني للبذور, عن وقف استيراد بذور الخضر ابتداء من السنة المقبلة ، مضيفا أن الأمر لا يتعلق بنقص في الموارد المالية, بل بوقف اهدار الطاقات الجزائرية, خاصة وأن المعاهد والجامعات تقوم بتكوين عدد هائل من الطلبة في مختلف التخصصات الفلاحية.
وعليه, فإنه بات من الضروري تثمين الكفاءات الجزائرية وجهود الدولة في مجال التكوين الفلاحي, وذلك عن طريق الحد من الاستيراد, حسب الوزير الأول الذي لفت إلى أن القيمة الاجمالية لواردات القطاع الفلاحي في الجزائر تتعدى 11,5 مليار دولار.
الجزائر تسعى لتغطية 80 % من احتياجاتها في الإنتاج الفلاحي سنة 2023
كما كشف الوزير الأول أن الحكومة تسعى لتغطية الاحتياجات الوطنية في مجال الانتاج الفلاحي بنسبة 80 % في غضون 2023 ، مضيفا أن الدولة تعول بشكل خاص, لتجسيد هذا الهدف, على مراكز ومعاهد البحث العلمي والمخابر الجامعية.
وتركز الاستراتيجية الجديدة للقطاع الفلاحي على زيادة الانتاج في مجال الحبوب والحبوب الجافة والحليب, من أجل ضمان الأمن الغذائي للبلاد.
وفي هذا الإطار, أكد الوزير الأول على الدور الاساسي الذي تلعبه مساعي تثمين الموروث الجيني الوطني, بالنظر لدوره في تحسين المردودية وفي توفير قيمة غذائية إضافية.
واعتبر أنه لا شيء يمنع الجزائر, التي كانت تاريخيا خزانا لأوروبا في مجال الحبوب, من رفع انتاجها إلى مستويات تحقق الأمن الغذائي الذي يعتبر أحد أركان السيادة الوطنية, خاصة في ظل توفر كفاءات علمية وطنية, وعدد هام من خريجي المعاهد الفلاحية , وتوفر المساحات الزراعية, والموارد المائية الضرورية لها, مع موروث جيني غني.
كما أشار الوزير الأول إلى أنه يجري العمل على إعادة النظر في الاحصائيات والمؤشرات المتعلقة بالانتاج الوطني الفلاحي, خاصة في مجال الحبوب.
مخطط مكافحة الحرائق لسنة 2022 يعمل بشكل فعال جدا
من جهة أخرى أكد الوزير الأول أن المخطط الوطني للوقاية ومكافحة حرائق الغابات للسنة الجارية 2022 يعمل بشكل “فعال جدا ” ، وتجسد ذلك من خلال الإنخفاض المحسوس للحرائق والتحكم بها على مستوى الوطني, مقارنة بالسنة الماضية.
وأضاف أن الهيئات المعنية بحرائق الغابات استفادت من تجارب السنة الماضية وهي تعمل لبلوغ المعايير الدولية في هذا المجال.
وفي هذا السياق, أثنى الوزير الأول على جهود المديرية العامة للغابات والحماية المدنية في التطبيق الصارم لهذا المخطط, داعيا إلى مواصلة العمل وفق مقاربة تشاركية بين كل الهيئات المعنية بمكافحة الحرائق.
وأرجع نجاح المخطط الى “العمل التشاركي بين كل القطاعات, وهي المقاربة الواجب انتهاجها دوما”.
وأوصى الوزير الأول بمواصلة التحلي بهذا المستوى العالي من اليقظة, إلى غاية نهاية حملة حصاد الحبوب في سبتمبر المقبل.
و”سيبقى المخطط يعمل بطريقة فعالة واستباقية, حتى بعد سبتمبر, لحماية الغطاء النباتي والمحاصيل الفلاحية بصف عامة, ومنح الفلاح الأمان”, يقول السيد بن عبد الرحمان.
نحو إطلاق حملة لغرس 60 مليون شجرة
من جهة أخرى كشف الوزير الأول أنه سيتم قريبا إطلاق حملة لغرس 60 مليون شجرة بمناسبة الذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية ، مؤكدا على ضرورة أن تكون المشاتل ومختلف الهياكل الضرورية لإنجاح الحملة, “على قدر هذا التحدي”.
وإلى جانب ذلك, سيتم الشروع في إنجاز مشروع إعادة تهيئة السد الأخضر وتوسيع غطائه النباتي ليشمل 4,6 مليون هكتار.
ويأتي ذلك تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, بضرورة إعادة الاعتبار لهذا الفضاء الحيوي, حسب الوزير الأول الذي ذكر بأن الجزائر كانت من البلدان السباقة في مجال السدود الطبيعية.
وأضاف بأن انجاح هذا المشروع لن يقف فقط على جهود المديرية العامة للغابات, بل يستدعي حشد كل الطاقات في الجزائر بما في ذلك الطلبة والتلاميذ, في إطار “هبة وطنية” لاستعادة الغطاء الغابي.
وعليه, دعا الوزير الأول إلى التحضير الجيد لإطلاق هذا المشروع وفق مقاربة استباقية وتوفير كل الموارد اللازمة.
كما أكد على أهمية استرجاع الفضاءات الغابية في الجزائر العاصمة, على غرار غابة باينام وبني مسوس, من أجل الحفاظ على التوازن المناخي بها.