اضطر العديد من الأسرى المحررين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة, والذي دخل حيز التنفيذ في 19 جانفي الماضي, إلى بدء أولى خطواتهم نحو الحرية من المستشفيات نتيجة تردي أوضاعهم الصحية بسبب الضرب والتنكيل والتجويع الذي تعرضوا له في سجون الاحتلال طيلة فترة اعتقالهم.
و واصل الاحتلال الصهيوني انتهاكاته بحق الأسرى, خاصة الذين تواجدت أسماؤهم على قوائم الإفراج, إلى غاية اللحظات الأخيرة قبيل مغادرة الزنزانات بحسب شهادات العديد من الأسرى المحررين, و هو ما أدى إلى نقل العديد منهم إلى المستشفيات مباشرة بعد خروجهم من السجن, حيث بدت آثار التعذيب واضحة على أجسادهم الهزيلة.
و أوضحت رئيسة قسم المعلومات والتوثيق بنادي الأسير الفلسطيني, آية شريتح, في حديث لوأج, أن “الغالبية العظمى من الأسرى المفرج عنهم نقلوا إلى المستشفيات والمراكز الصحية بسبب معاناتهم من مشاكل صحية وآثار للضرب والتنكيل وكذا مخلفات التجويع والتعطيش التي تعرضوا لها داخل السجون الصهيونية”.
و كشفت شريتح أن “هناك عددا من الأسرى نقلوا على الفور إلى المستشفيات بسبب حالتهم الصحية الطارئة, مثلما حدث مع سبعة محررين ضمن الدفعة الخامسة والأخيرة, في حين تنقل البعض الآخر من الأسرى بعد أيام من الإفراج عنهم لإجراء فحوصات وتلقي العلاج”.
مضيفة أنه “على هذا الأساس, يصعب تحديد العديد الإجمالي للأسرى الذين زاروا المستشفيات بعد إطلاق سراحهم, خاصة و أن بعضهم لم تبلغ عائلاتهم عن ذلك”.
و أضافت أن “من بين الأسرى الذين استدعت حالتهم الصعبة نقلهم إلى المستشفى, الأسير المحرر جمال الطويل الذي خرج من السجن وهو مصحوب بعبوة أوكسيجين للتنفس, رغم أن حالته الصحية كانت جيدة قبل اعتقاله ولم يكن يعاني من أي عوارض صحية, وكذا الأسير المحرر محمد أبو صبرة الذي خرج مقعدا على كرسي متحرك من شدة الكسور التي تعرض لها في العديد من أطرافه وكذا معاناته من داء السكري وضغط الدم, بالإضافة إلى الأسير محمد براش الذي فقد بصره بعد 23 عاما في سجون الاحتلال”.
و أشارت المسؤولة بنادي الأسير إلى أن “معظم الأسرى المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل أو أولئك الذين أطلق سراحهم من قبل يعانون من كسر في أضلع القفص الصدري وكسر الأسنان وكدمات نتيجة التعذيب, بالإضافة إلى مشاكل صحية أخرى نتيجة التجويع ونقص المياه وانعدام النظافة داخل السجون”.
و أردفت أن “الحالات الصحية للأسرى تختلف أيضا باختلاف المدة التي قضوها داخل السجون وكذا باختلاف درجة التنكيل والضرب”, مبرزة أن “هناك حالات تستدعي تدخلا طبيا عاجلا, خاصة المرضى المصابين بأمراض مزمنة ومعقدة, في حين هناك حالات تلتحق بعائلاتها وتقوم باستشارات وتحاليل بعدها لمتابعة وضعها الصحي”.
و لفتت شريتح إلى أنه, واستنادا لمجموعة من إفادات الأسرى المحررين الذين جرى إبعادهم إلى مصر, فقد تم نقل عدد منهم للعلاج, نتيجة لآثار عمليات التنكيل والضرب الذي تعرضوا له قبل الإفراج عنهم والذي استمر لعدة أيام بحسب ما أفادوا به, وكان من بينهم أسرى أصيبوا بإصابات واضحة جراء التعذيب, مضيفة أن الأسرى المحررين من قطاع غزة تم نقلهم مباشرة إلى المستشفى الأوروبي لتشخيص إصاباتهم وتقديم العلاج اللازم لهم.
وتكشف الحالة الصحية التي يخرج بها الأسرى من سجون الاحتلال في كل مرة, وضمن جميع دفعات التبادل, عن الوضع المأساوي الذي يعيشونه داخل زنزانات المحتل الصهيوني وعن الأساليب الممنهجة التي يتبعها هذا الأخير لقمعهم والتنكيل بهم, وصولا إلى قتلهم تحت التعذيب والتستر عن جرائمه المروعة بحقهم في ظل صمت دولي متواطئ.(وأج)